وقولُه: {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} كان المعتزلةُ يَسْتَدِلُّونَ بظاهرِ هذه الآيةِ على أن الملائكةَ أفضلُ من الآدميين (?)؛ لأن هذه كأنها مناصبُ عاليةٌ. لا أقولُ لكم إِنِّي في رتبةٍ إلهيةٍ، بحيثُ تكونُ عندي خزائنُ السماواتِ والأرضِ، وأعلمُ الغيبَ، ولاَ أَدَّعِي لكم الرتبةَ الأُخْرَى الكبيرةَ، التي هي رتبةُ الْمَلَكِ.

وأكثرُ العلماءِ على أن خِيارَ الرسلِ من الآدميين أفضلُ مِنَ الملائكةِ (?).

وهذا النوعُ من الخلافِ والبحثِ مِمَّا فِيهِ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ»؛ لأننا لم نُؤْمَرْ به، ولم نُكَلَّفْ به، والخوضُ فيه لا حاجةَ لنا فيه، ولا لنا من ورائِه نَفْعٌ.

وقد قَدَّمْنَا مِرَارًا: أن أكثرَ العلماءِ على أن أصلَ المادةِ اللغويةِ التي منها (المَلَكُ) (?) أنها: (أَلَكَ) ففاءُ الفعلِ همزةٌ، وعينُها لامٌ، ولاَمُهَا كافٌ، (أَلَكَ) وأصلُ هذه المادةِ، مادة (الهمزةِ واللامِ والكافِ) معناها: الرسالةُ. والأَلُوكَةُ: الرسالةُ، وَالْمَالُكَةُ: الرسالةُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015