نحوٌ من مائةِ رجلٍ أو ثمانينَ. وبعضُ العلماءِ يُوَفِّقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ يقولُ: أما العشرةُ أو الأحدَ عشرَ فلم يتحركوا، وأما المائةُ أو الثمانونَ فَهُمُ الذين رَجَعُوا بسرعةٍ وحملوا على عَدُوِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ذَكَرُوا أن عَلِيَّ بنَ أبِي طالبٍ (رضي الله عنه) قَتَلَ ذلك اليومَ أربعينَ رَجُلاً بيدِه، وَذَكَرُوا عن أبِي طلحةَ أنه لَمَّا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» (?) أنه قَتَلَ عشرينَ رجلاً فأخذَ أسلابَهم، وكان عَلِيٌّ (رضي الله عنه) ذلك اليومَ هو الذي أَسْقَطَ الجملَ الذي عليه رايةُ هوازنَ؛ لأن رايتَهم كانت عند رَجُلٍ على رُمْحٍ طويلٍ راكبٍ على جَمَلٍ أحمرَ، يتقدمُ أمامَ الناسِ، فإذا أَدْرَكَ الناسَ طعنهم بالرمحِ، وإذا فَاتُوهُ رَفَعَ لواءَه على الرمحِ ليراه مَنْ بَعْدَهُ!! فَابْتَدَرَهُ عَلِيٌّ (رضي الله عنه) ورجلٌ من الأنصارِ فَضَرَبَ عَلِيٌّ الجملَ على عرقوبيه فسقطَ على عَجُزِهِ، فابتدرَ الأنصاريُّ الرجلَ فَأَطَنَّ رِجْلَهُ بنصفِ ساقِه وَانْجَعَفَ عن رَحْلِهِ (?).
ثم إن اللَّهَ قال: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا} هذه الجنودُ هي الملائكةُ لم يَرَهَا المؤمنونَ ولكن الكفارَ رَأَوْهَا، فذكر ابنُ عبدِ البرِّ أنه رُوِيَ من طرقٍ كثيرةٍ عن أولادِ أولئك الذين كانوا من الكفارِ شَهِدُوا حُنَيْنًا عن آبائِهم أنهم قالوا: لَقِينَا أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم فَمَا وَقَفُوا لنا حلبَ شاةٍ، فَهَزَمْنَاهُمْ وَاتَّبَعْنَاهُمْ، حتى إذا انْتَهَيْنَا إلى صاحبِ البغلةِ البيضاءِ أو البغلةِ