وهو المعروف، ومن هذا المعنى قول ربيعة بن مكدم في رَجَزِهِ المشْهُور في قصته مع دريد بن الصَّمَّة وأصحابه (?):

خَلِّ سَبِيلَ الحَرَّةِ المَنِيعَهْ ... إِنَّكَ لاَقٍ دُونَهَا رَبِيعَهْ

فِي كَفِّهِ خَطِيَّةٌ مُطِيعَهْ ... أَوْ لاَ فَخُذْهَا طَعْنَةً سَرِيعَهْ

وَالطَّعْنُ مِنِّي فِي الوَرَى شَرِيعَهْ

معنى: «خَلِّ سبيلها»: لا تَتَعَرَّضْ لهَا واتْرُكْ طَرِيقَهَا تذهب فيها وتَتَوَجَّه كيف شاءت. ومن هذا المعنى قول كعب بن زهير (?):

فقُلتُ خَلُّوا سَبِيلي لاَ أَبَا لَكُمُ ... فَكُلُّ مَا قَدَّرَ الرَّحْمَنُ مَفْعُولُ

وقوله: (خَلِّ سبيلها) من كنايات الطلاق المعْرُوفَة عند الفقهاء في المذاهب. هذا معروف في كلام العرب، فكُلُّ مَنْ تَرَكْتَهُ، وتَرَكْتَ لَهُ طَرِيقَهُ يَذْهَبُ مَعَهَا ويمر مُقْبِلاً ومُدْبِراً حيث شاء فقد خليت سبيله، أي: تركته ولم تَتَعَرَّضْ لَهُ، ومن هذا قول جرير يهجو عمر بن لجيءٍ التميمي (?):

خَلِّ السَّبِيلَ لِمَنْ يَبْنِي المَنَارَ بِهِ ... وَابْرُزْ بِبَرْزَةَ حَيْثُ اضْطَرَّكَ القَدَرُ

قَدْ خِفْتَ يَا ابْنَ الَّتِي مَاتَتْ مُنَافِقَةً ... مِنْ خُبْثِ بَرْزَةَ أَنْ لاَ يَنْزِلَ المَطَرُ

وهذا معنى: {فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ}.