إن سِيمَ خسْفاً وجْهُهُ تربَّدَا ... هُمْ بَيَّتُونا بالوَتِيرِ هُجَّدَا ...
وقَتَلُونَا رُكَّعاً وَسُجَّدَا ... فَانْصُرْ هَدَاكَ اللهُ نَصْراً أَيَّدَا
فقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْكُمْ» (?).
وكان ذلك سبب غزوة [الفتح] (?). هكذا قالوا إن هذا هو الذي جاءت فيه هذه الآيات، وأن قريشاً وبني الديل من بني بكر بن كنانة نقضوا وبَقِيَتْ قَبَائِل كِنَانَة الآخرين، وهم: بنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة، وبنو مُدْلِج، وبنو ضمرة لم ينقضوا العهود كما سيأتي في قوله: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً} [التوبة: آية 7] هكذا قالوا أنها نزلت قبل غزوة الفتح.
والتحقيق أنها ما نزلت إلا بعد غزوة تبوك، وأرسل النبي بها أبا بكر (رضي الله عنه) ينادي في الناس بها، ثم أتبعه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
ومعنى الآية الكريمة: هذه براءة من الله، أو براءة من الله إلى الذين عاهدتم من المشركين جميعاً. يعني: من كان له منهم عهد أقل من أربعة أشهر، ومن لا عهد له أصلاً، ومن كان له عهد مطلق، ومن له عهد مؤقت إلا أنه خيف منه أن ينقض؛ لأن المُعاهَد من المشركين إذا خيف منه النقض وظهرت منه علامات ذلك وبوادره وجب إعلامه بنبذ العهد إليه ونقض عهده، كما قدمناه في سورة الأنفال في قوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ (58)} [الأنفال: آية 58] فعرفنا أن قوله: {إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ