أي: ما ذكر من الأشياء المتعددة من اثنين فصاعداً، وهذا موجود في الضمائر، وفي كلام العرب، ولما أنشد رؤبة بن العجاج في رجزه (?):
فيها خُطوطٌ من سَوادٍ وَبَلَقْ ... كأَنَّهُ في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ
قال له رجل: لِمَ قلت: «كأنَّهُ» إذا كنت تعني الخطوط فالصواب أن تقول: «كأنَّهَا» وإذا كنت تعني السواد والبلق فهلا قلت: «كَأَنَّهُمَا» فأي وجه لقولك: «كأنه»؟ قال: كأنه أي: ما ذُكر. ومِنْ أَصْرَحِ الأدِلَّةِ القرآنية في ذلك هو قوله تعالى في سورة الأنعام: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُم بِهِ} (به) أي: بجميع ما ذُكر من سمعكم وأبصاركم وقلوبكم كما لا نزاع فيه. وهذا معنى معروف في كلام العرب، وقد قدمنا بعض شواهده في سورة البقرة في الكلام على قوله: {إنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} (?) أي: بين ذلك المذكور من الفارض والبكر. ومن نظيره في الإشارة قول ابن الزبعرى السهمي (?):
إِنَّ لِلْخَيْرِ ولِلشَّرِّ مَدًى ... وكِلاَ ذَلِكَ وَجْهٌ وقَبَل
أي: كلا ذلك المذكور.
والمعنى: إلا تفعلوا ذلك الذي ذكرنا من موالاة بعضكم لبعض موالاة صدق، ومقاطعتكم للكفار مقاطعة كاملة، وترك الكفار يوالي بعضهم بعضاً إلا تفعلوا هذا {تَكُنْ} أي: تقع {فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ