ولم يُسْتَثْنَ من هذا أمةٌ إلا أمةَ يونسَ، كما سيأتي في قوله: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: آية 98] أما غيرُهم من الأممِ فَكُلُّ أمةٍ تُكَذِّبُ رسولَها فيهلكها اللَّهُ، كما قال تعالى في سورةِ قد أفلح المؤمنون: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: آية 44].
وقال هنا: {وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} [الأنعام: آية 42] أصل (الأخذ) في لغةِ العربِ: هو التناولُ بقوةٍ وشدةٍ (?).
فَكُلُّ ما تَنَاوَلْتَهُ بقوةٍ وشدةٍ فقد أخذتَه. وأَخْذُ اللَّهِ عظيمٌ، وقد ثَبَتَ في الصحيحين من حديثِ أبي موسى الأشعريِّ (رضي الله عنه)، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لِمْ يُفْلِتْهُ» ثم تلاَ قولَه تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: آية 102] (?) و {الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء} في هذه الآيةِ: {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} كلاهما مصدرٌ أُنِّثَ بألفِ التأنيثِ الممدودةِ