خفي ذلك على الإمام ابن جرير (رحمه الله)؛ لأن الكمال والعلم لله وحده.

والحاصل أنه قد تقرر في الأصول في مسلك (الإيماء والتنبيه) (?) أن من الحروف الدالة على التعليل، (إنّ) المكسورة المشددة، تقول: اضربه إنه مسيء. أي: اضربه لعلة إساءته، أكرمه إنه محسن. أي: أكرمه لعلة إِحْسَانِهِ. فـ (إن) من حروف التعليل. وعلى قراءة الجمهور فـ (إنّ) المكسورة دلت على التعليل. لا تظننهم سابقين فائتين معجزين ربهم، لا وكلا {إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} لا يعجزون ربهم ألبتة، فيكون النهي عن قوله: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوا} لأجل أنهم لا يعجزون أبداً، فلا يخطر في قلبك ذلك الحسبان الباطل.

أما على قراءة ابن عامر: {أَنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} فـ (أن) قد تقرر في علم النحو أن المصدر المنسبك من (أنّ) وصلتها و (أنْ) وصلتها يجوز جره بحرف محذوف بقياس مطرد (?). فالأصل: لا تحسبن الذين كفروا سبقوا؛ لأنهم لا يعجزون. غاية ما في الباب حذف حرف الجر قبل المصدر المنسبك من (أنّ) وصلتها، وهو واضح مطرد لا إشكال فيه، وقد عقد اطراده ابن مالك في خلاصته بقوله (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015