وهذه الآيةُ الكريمةُ تَرُدُّ مذهبَ المعتزلةِ، وتوضحُ أن الهدى والضلالَ كُلُّ ذلك بمشيئةِ اللَّهِ، يُضِلُّ قومًا وله بذلكَ الحكمةُ البالغةُ، وَيَهْدِي آخَرِينَ وله في ذلك الحكمةُ البالغةُ.

اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، فَمَنْ خلقَه اللَّهُ للخيرِ هَدَاهُ إلى ما يُرْضِيهِ، ومن خلقَه للشرِّ - والعياذُ بالله - بعكسِ ذلك؛ ولذا قال: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (الصراط) في لغةِ العربِ: هو الطريقُ الواضحُ (?). فَكُلُّ طريقٍ واضحٍ تُسَمِّيهِ العربُ: (صِرَاطًا). و (المستقيم): هو الذي لا اعوجاجَ فيه (?). ووزنُه بالميزانِ الصرفيِّ (?): (مُسْتَفْعِل) وياؤه مُبْدَلَةٌ من واوٍ، أصلُه: (مُسْتَقْوِم) على وزنِ (مُسْتَفْعِل)؛ لأن مادةَ (الاستقامةِ) واويةُ العينِ، وهذا معروفٌ في كلامِ العربِ؛ وذلك أن دينَ الإسلامِ طريقٌ واضحٌ، مَحَجَّةٌ بيضاءُ، تَرَكَهَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - بما أوضحَ به وَبَيَّنَهَا محجةً بيضاءَ، ليلُها كنهارِها، لا يزيغُ عنها إلا هَالِكٌ.

وقوله: {مُّسْتَقِيمٍ} طريقُ دِينِ الإسلامِ في غايةِ الاستقامةِ، ليس فيه اعوجاجٌ. ومعنى استقامتِه: أن طَرَفَهُ بِيَدِ المسلمين، وَطَرَفهُ الآخَر فِي الجنةِ، إذا ثَبَتُوا عليه استقامَ بهم إلى الجنةِ، فَأَدْخَلَهُمْ إياها من غيرِ أن يعدلَ بهم عنها يَمِينًا ولا شِمَالاً، وإذا تركوه ذَهَبُوا إلى بُنَيَّاتِ الطرقِ.

وقد ضَرَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لهذا مثلاً (?)، فَخَطَّ ذلك الخطَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015