دينه (?)، يعني: قاتلوهم حتى ينتشر الإسلام، وتنكسر شوكة الكفر، بحيث لا يقدرون على رد إنسان عن دينه، ولا قتل إنسان ولا ضربه ولا إيثاقه بسبب الإسلام؛ لأنهم كانوا في أول الإسلام يفتنون الضعفاء عن دينهم، فكان أمية بن خلف -قبحه الله- يعذب بلالاً فيُضْجعه في نهار الصيف في رمضاء مكة، فيضع الحجارة على صدره ويعذبه ليكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: أحد أحد.
وكذلك أوذوا كثيراً، فقُتل في ذلك أبو عمار بن ياسر وأمه، وأما هو فلما أرادوا أن يفعلوا به ذلك وخاف القتل قال كل ما يريدون منه، فَسَبَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي -إن شاء الله- إيضاح قصته في الآية النازلة به في سورة النحل في قوله: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً} الآية [النحل: الآية 106]. وهذا معنى قوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: الآية 39] والقول الأول يدخل فيه هذا؛ لأنه إذا انتفى الشرك لا يكون هناك كافر يَفْتِنُ المسْلِمِينَ عَنْ دينهم، وهذا معنى قوله: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}.
{فَإِنِ انتَهَوْا} عن كُفْرِهِم وأسْلَمُوا: {فَإِنَّ اللَّهَ} جل وعلا {بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فهو بصير بعملهم يجازيهم عليه، {وَإِن تَوَلَّوْا} [الأنفال: الآية 40] أعرضوا ولم يرجعوا عن كفرهم {فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ} جل وعلا {مَوْلاَكُمْ} ناصركم عليهم، لا يحزنكم توليهم وإعراضهم وإصرارهم على الكفر، فالله مولاكم ناصركم