يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} {وَإِن يَعُودُوا}: اختلف العلماء في المراد بالعَود هنا (?)، فقال بعض العلماء، هذه الآيات من سورة الأنفال نزلت بعد وَقْعَةِ بدر، والمعنى {وَإِن يَعُودُوا} للقتال كما فعلوا يوم بدر {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ} أي: طَرِيقَة الله فيما مضى بين رسله وأتباعهم وبين الكفرة (?).
قال بعض العلماء: {الأَوَّلِينَ} يعني الذين هلكوا منكم فقتلوا وأُسروا يوم بدر، مضت سنة الله فيهم، فأَظْهَرَ علَيْهِمْ نَبِيَّهُ، ونصره عليهم، فإن عدتم إلى القتال أجرى عليكم تلك السنة؛ لأنه لا تجد لسنة الله تبديلاً. وقال بعض العلماء: المراد بالأولين الأمم الماضية ممن قبلنا؛ لأَنَّ كُلَّ أمَّةٍ كَذَّبَتْ رسولَها وتمرَّدَتْ عَلَى رَبِّهَا أهلكها الله (جل وعلا)، يعني: وإن تعودوا إلى ذلك الكفر والطغيان أهلككم كما فعل بجميع الأمم قبلكم {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ (44)} [المؤمنون: الآية 44]، وهذان الوجهان في قوله {سُنَّتُ الأَوَّلِينَ} أي: سنة الله فيهم، وأصل السنة: الطريقة والشريعة، والشريعة في اللغة: الطريق، والشرائع: الطرق، وكون السنة هي الطريق الذي يمشي عليه أمر معروف في كلام العرب، ومنه قول لبيد بن ربيعة في معلقته (?):
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لهُمْ آبَاؤُهُمْ ... وَلِكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإمَامُهَا
أي: طريقة متبعة، وطريقة الله مع الكفرة أنهم إن كذبوا رسله