{وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ} وهو الكفار، الكفر وأهله. قال بعضهم: ويدخل فيه المال المنفق ليصد به عن سبيل الله.
وعلى هذا القول فالمال الذي ينفقه الإنسان ليصد به عن سبيل الله، يركم معه في النار، كما قال جل وعلا: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} إلى قوله: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} [التوبة: الآيتان 34 - 35] فصرح في هذه الآية من براءة أن ذلك الذهب والفضة الذي كانوا يكتنِزونه يدخل معهم في النار ويكوون به فيها، فهذا يشابه هذا التفسير الذي قال: إن المال الخبيث الذي صرفه صاحبه في الدنيا للصد عن سبيل الله أنه يركم معه في جهنم، فيعذب به، وقد ثبتت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أن الذي كانت عنده ماشية ولا يزكيها تُجعل لها في ضحضاح من جهنم، فتدوسه بأرجلها (?) (والعياذ بالله)، هذا معنى قوله: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ} من أهل الكفر وما كانوا ينفقونه ليصدوا به عن سبيل الله {بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا}، العرب تقول: ركمه يركمه، إذا جعله ركامًا متراكمًا، أي: يركب بعضه بعضًا، ويعلو بعضه بعضًا، كما في قوله: {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ} [النور: الآية 43] فيجعله كله في النار {أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} هؤلاء الذين يُجمعون كلهم فيركمون في جهنم موصوفون بصفة الخبث هم الخاسرون الذين غُبنوا في حظوظهم من ربهم (جل وعلا)، وخسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.