فيأتونه طائعينَ {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الدهر: آية 30].
وقولُه جل وعلا: {صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: آية 39] جمهورُ العلماءِ على أن المرادَ بِصَمَمِهِمْ وَعَمَاهُمْ وكونهم في الظلماتِ: أنه في دارِ الدنيا (?)، والمرادُ به عَمَى أبصارِهم عن الحقِّ، وصممُ أسماعِهم عن الحقِّ، وعمى عيونِهم عن الحقِّ؛ لأنها في الظلماتِ - والعياذُ بالله - لا تُبْصِرُ شيئًا، كما في قولِه: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [البقرة: آية 18] {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} [الأحقاف: آية 26] خلافًا لبعضِ العلماءِ القائلِ: الذين كفروا في دارِ الدنيا {صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} في الآخرةِ؛ لأجلِ تكذيبِهم في الدنيا (?)، واستدلَّ بأن اللَّهَ قال: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: آية 97] وذكر بأنهم في الظلماتِ، بدليلِ قولِه: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: آية 13].
والقولُ الأولُ هو الذي عليه الجمهورُ.
ثم قال: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الأنعام: آية 39].