وعلى هذا القول: فقوله: {وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} في الذين علم في سابق علمه أنهم لا يسلمون ولا يتوبون، وهم الذين عذبهم الله وقتلهم يوم بدر، وجعل لهم عذاب الآخرة متصلاً بعذاب الدنيا والعياذ بالله.

وهذه هي الأوجه في قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: الآية 33] {وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} أيُّ شيء ثبت لهم يمنعهم من تعذيب الله لهم {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الأنفال: الآية 34] (يصدون) تستعمل استعمالين (?): تستعمل متعدية ولازمة، فإذا استعملت متعدية فمصدرها (الصَّد) على القياس، ومضارعها (يصُد) بضم الصاد لا غير، وإذا استُعملت لازمة فمصدرها (الصدود) على الأغلب، وفعلها المضارع يجوز في عينه الكسر والضم، تقول: صَدَّ زيدٌ عَمْرًا يَصُدُّه صَدًّا، وَيصُد بالضم لا غير، وتقول: صَدَّ زيدٌ عن هذا الأمر إلى غيره، يَصِدُّ ويَصُدُّ صدودًا، وعلى ذلك القراءتان (?) في قوله: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: الآية 57] {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصُدُّونَ} [الزخرف: الآية 57] والفعل هنا متعدٍّ، والمفعول محذوف، أي: يصدون الناس عن بيت الله الحرام، عن المسجد الحرام، كما صدوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة الحديبية، كما سيأتي في قوله: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: الآية 25] وكما قال تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [المائدة: الآية 2] وإخراجهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015