يتمثل في صورة الرجل يعرفونه - كما قال به بعض العلماء - ثم يقول للمسلمين: أبشروا فإِني سمعتهم يخافون منكم ويقولون: إنكم إن حملتم عليهم انكشفوا هاربين عنكم؛ لتقوى قلوب المؤمنين وتثبت، ويستحقرون الكفرة. هذا معنى قوله: {فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ} كان بعض من شهد بدرًا كافرًا أسلم بعد ذلك، وكان الناس يسألونه ويقولون له: صِفْ لنا الرعب الذي ألقى الله في قلوبكم يوم بدر، فيأخذ حصاة ويضربها على طشت من الحديد فيُسمع لها دويّ عظيم، فيقول: كنا نسمع مثل هذا في أجوافنا من شدة الخوف (?)، وهذا معنى قوله: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ}.
قرأ هذا الحرف من السبعة: نافع، وابن كثير، وعاصم، وحمزة - كل هؤلاء الأربعة - من السبعة قرؤوا: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ} بإسكان العين من قوله: {الرُّعْبَ} وقرأه ابن عامر، وحمزة (?)، والكسائي: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعُبَ} بضمتين. فالذي قرأ: (الرُّعُب) بضم العين: هو ابن عامر، وحمزة (?)، والكسائي. والذي قرأ (الرُّعْب) بسكون العين: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم (?)، هؤلاء الأربعة قرؤوا: (الرعْب) بسكون العين، وأولئك الثلاثة قرءوا: (الرُّعُب) بضمتين (?). وهما لغتان فصيحتان وقراءتان صحيحتان.
والرعب شدة الخوف في قلوب الذين كفروا؛ لأن القلب هو محل الإدراك، وهو الذي يكون فيه الأمن ويكون فيه الخوف، وهذا معنى قوله: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ}.