بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)} [الأنفال: الآية 10] وقال في آل عمران: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)} [آل عمران: الآية 126] وقال هنا: {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: الآية 7] وقال في آل عمران: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ} [آل عمران: الآية 127] فالسياق هو السياق.
ولكن هنا سؤال، وهو أن يُقال: المدد الذي ذكرتم أنهم إلى خمسة آلاف، وأن ذلك في يوم بدر، فكيف يجمع به مع الاقتصار على ألفٍ واحدة هنا في الأنفال في قوله: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: الآية 9].
أُجيب عن هذا: بأنه لا تعارض؛ لأن آية الأنفال هذه أشارت إلى أن المدد من الملائكة لا يقتصر على الألف؛ لأن قوله: {مُرْدِفِينَ} على قراءة الجمهور معناه: يتبع بعضهم بعضًا، من أردف الرجل الرجل إذا كان وراءه رِدْفًا له، فدل على أنهم وراءهم شيء أُردفوا به، ويوضح هذا المعنى قراءة نافع: {مُرْدَفين} بصيغة اسم المفعول، معناه: مردَفين بغيرهم، أنهم متبوعون بغيرهم.
وقال بعض العلماء: الوعد بخمسة آلاف كان يوم أُحد، ولكن الله شرط عليهم شرطًا وقال: {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ} [آل عمران: الآية 125] قالوا: ولم يصبروا ولم يتقوا ذلك اليوم؛ لأنهم زلت بهم أقدامهم كما نص الله عليه في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ} [آل عمران: الآية 155] قال: ولما لم يثبتوا لم ينزل عليهم ملك واحد؛ لأنهم لم يفوا بالشرط. هذا قاله جماعة من أهل العلم.