كانت المشيخة رِدْءًا لهم، وكان الشباب تلقّى العدو، وكان قوم يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بُني له العريش يوم بدر. فلما هزم الله المشركين، وأخذ المسلمون غنائمهم، وقع خلاف ومشاجرة بين الصحابة، قال الذين أخذوا الغنيمة: نحن الذين احتويناها وحُزناها فليس لغيرنا نصيب فيها!
وقال المشيخة: نحن كنا رِدْءًا لكم فلو انهزمتم لانحزتم إلينا، فلستم أحق منا!
وقال الآخرون: نحن ليس بنا جبن ولا بخل، وإنما خفنا أن ينال العدو غِرَّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا نُحدِق بنبي الله نحرسه من العدو، فلستم بأحق منا! فوقع هذا الخلاف والتنازع، وهذا سبب نزول هذه الآية الكريمة كما عليه جماهير العلماء، وحديث عبادة بن الصامت فيه (رضي الله عنه) عند أحمد وأصحاب السنن مشهور (?)، قال: فينا معاشر المسلمين نزلت، لما أخذنا غنائم بدر ساءت أخلاقنا وتنازعنا فأنزل الله الآية، وبيّن أن الأمر فيها إلى الله وإلى رسوله، ففعل فيها رسول الله ما أرضى الله، وما أصلح به ذات البين بين الجميع، وما حصل به تقوى الله، كما يأتي إيضاحه، وهذا القول -أنها نزلت في غنائم بدر جميعها- هو المعروف عند جماهير العلماء.