قال: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ} [الأنعام: آية 81] وقد قالوا لنبي الله هود: إن آلهتهم اعترته بسوء فَخَبَّلَتْه وجننته، فزعموا أنه مجنون، وأن الذي أضر عقله آلهتهم، كما في قولهم لهود: {إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55)} [هود: الآيتان 54، 55] هذا الذي قال لهم نبي الله هود هو الذي قال لهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءَكُمْ} وتعاونوا معهم وكل من قدرتم عليه {ثُمَّ كِيدُونِ} يعني: امكروا بي وافعلوا بي ما تستطيعون من الكيد والمكر ثم لا تُنْظِرُون: لا تمهلون؛ إلا أن نبي الله هودًا قال: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56)} [هود: آية 56] ونبينا (صلوات الله وسلامه عليه) قال: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ
يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: آية 196] وقد أجرى الله عادة الشياطين أنهم يخوفون الناس من أولياء الشياطين كما تقدم إيضاحه في تفسير قوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} الأصل: يخوفكم أولياءَه {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: آية 175] وأنواع تخويف الشيطان الناس من أوليائه مختلفة كما هو معروف؛ ولذا قال هنا: {فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ} [الأعراف: آية 195].
ثم قال (صلوات الله وسلامه عليه): {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ} الولي في لغة العرب: وهو المولى، وهو الذي انعقد بينك وبينه سبب ولاية يجعلك تواليه ويواليك (?). والله (جل وعلا) انعقد بينه وبين رسوله