ولذا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [البقرة: آية 21] وقال: {أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: آية 16] أي: وخالق كل شيء هو المعبود وحده جل وعلا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَابًا} [الحج: آية 73] ومن لم يخلق شيئًا لا يمكن أن يكون معبودًا؛ ولذا قال: {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شيئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا} [الأعراف: الآيتان 191، 192] لا يقدرون أن ينصروهم إذا دعوهم وعبدوهم {وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ} النصر في اللغة: هو إعانة المظلوم. يعني: إن ظُلموا لا يَدفع عنهم الظلم، ولو ظُلم نفس الأصنام لا يقدرون أن ينتصروا لأنفسهم لأنهم جماد، وهذا معنى قوله: {وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192)} كما قال تعالى: {وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: آية 73].
{وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194)} [الأعراف: الآيتان 193، 194].
{وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ} قرأ هذا الحرف جماهير القراء، منهم عامة السبعة غير نافع: {وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ} مضارع اتبعه يتَّبعه، وقرأه نافع وحده من السبعة: {وإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الهُدَى لاَ يَتْبَعُوكُم} وتبعه واتّبعه بمعنى واحد، فكلتاهما قراءتان صحيحتان، ولغتان فصيحتان معناهما