أي: ظهرت واتضحت، والمُبين من هذا بمعنى: البين الواضح، ومنه قول كعب بن زهير في (بانت سعاد) (?):
قَنْواءُ في حُرَّتَيْها للبصيرِ بها ... عِتْقٌ مُبينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
فقوله: «عتقٌ مبينٌ» أي: كرم بيّن ظاهر.
وقد قدّمنا هذا مرارًا. فعلى القول الأول (مبين): أي: مُبَيِّنٌ ما ينذركم ويحذركم به، موضح له بالتفصيل.
وعلى الثاني أنه الصفة المشبهة من: (أبان) اللازمة، فمعنى (مبين): نذير بيّن الإنذار واضحه، لا إشكال في إنذاره، وهذا معنى قوله: {إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} [الأعراف: آية 184].
ثم قال جل وعلا: {أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ... } [الأعراف: آية 185] النظر هنا هو النظر بالقلوب والتفكر والتدبر بها؛ لأن الله يقول: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: آية 46].
والملكوت: مصدر مَلَك يَمْلِك مُلْكًا ومَلَكُوتًا، والواو والتاء زيدتا للمبالغة، فالملكوت: الملك العظيم الهائل، كما دل على عظمه: زيادة الواو والتاء. ومعروف أن (الفَعَلُوت) بزيادة الواو والتاء في المصادر معروف في كلام العرب، كالرَّحَمُوت، والرَّغَبُوت، والرَّهَبُوت، والمَلَكُوت. فالملكوت معناه: المُلْك العظيم {أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي: في ملك الله العظيم في السماوات والأرض؛ حيث رفع السماء بغير عمد ترونها وجَعَلَها لا تَتَشَقَّق ولا تَتَفَطَّر ولا تحتاج إلى ترميم. والكفرة الفجرة أبناء