الأحياءُ الذين يسمعونَ، كما قال له: {لِتُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} [يس: الآية 70] وفي القراءةِ الأُخْرَى: {لِّيُنذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} (?) أي: الذي له حياةٌ، أما المَيْتُ: الذي أَمَاتَ اللَّهُ قَلْبَهُ.
وكثيرًا ما يُطْلِقُ القرآنُ اسمَ (الميتِ) على (الكفرِ)، كقولِه تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: آية 122] وكقولِه: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلاَ الْأَمْوَاتُ} [فاطر: آية 22] يعني بالأحياءِ: المؤمنين، وبالأمواتِ: الكفرةَ؛ لأن الكافرَ - والعياذُ بِاللَّهِ - كأنه ميتٌ؛ لأن حركاتِ حياتِه لم تَكُنْ في شيءٍ ينفعُه عندَ رَبِّهِ - جل وعلا - في حياتِه الأُخْرَى، فصارَ ميتَ القلبِ كأنه ميتٌ بِالْكُلِّيَّةِ؛ وَلِذَا قال: {وَالْمَوْتَى} أي: الكفارُ الذين خَتَمَ اللَّهُ على قلوبِهم، وأماتَ قلوبَهم، لا حيلةَ في إيمانِهم، فلا تَحْزَنْ عليهم، ولكن هَوِّنْ عليكَ، فحسابُهم إلى اللَّهِ، وَهُدَاهُمْ عليه، اللَّهُ هو الذي أَضَلَّهُمْ في الدنيا، ويومَ القيامةِ يَبْعَثُهُمْ، ثم إليه يُرْجَعُونَ، فَيُجَازِيهِمْ على أعمالِهم. فَهُدَاهُمْ بيدِه، وشقاؤُهم بيدِه، وحسابُهم إليه. وأنتَ إنما أنتَ نذيرٌ، وقد بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ، وأديتَ الأمانةَ، فقمتَ بما عليكَ، وَهَوِّنْ عليكَ؛ ولذا قال: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعام: آية 36].
والعربُ تُطْلِقُ (استجاب) بمعنى: (أجاب). وَالْمَعْنَى: {يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} أي: يُجِيبُونَكَ إلى ما تَدْعُوهُمْ إليه. ولا شَكَّ عندَ العلماءِ في إطلاقِ (اسْتَجَابَ) بمعنى