الله (?) - الذي لا يخلف الميعاد - بجنات عدن وما فيها من النعيم، فمن أين للظالم لنفسه أن يُقَدَّم على السابق بالخيرات والمقتصد؟
فقال بعض العلماء: هذه الآية من سورة فاطر مقام إظهار كرم رب العالمين، وشدة رحمته ولطفه بعباده، فقدم الظالم لئلا يقنط، وأَخَّر السابق بالخيرات لئلا يعجب بعمله فيحبط.
وقال بعض العلماء: قدم الظالم لنفسه لأن أكثر أهل الجنة الظالمون لأنفسهم الذين خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا؛ لأن السابقين قليل، والمقتصدون أقل من الظالمين، وهذا معنى قوله: {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)} [الأعراف: آية 159] وسيأتي حديث عند قوله: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181)} [الأعراف: آية 181] فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هَذِهِ لَكُمْ وَقَدْ أُعْطِيَ القَوْمُ مِثْلَهَا» (?) يعني قوم موسى في قوله هنا: {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} ولكن آية فاطر هذه التي ذكرناها زادت بالسابق بالخيرات، وبالوعد بالجنات للجميع، ففيها من إظهار فضل هذه الأمة ما لم تتناوله إحدى الآيتين هنا في سورة الأعراف.
{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ