السبعون من خيارهم وجاءهم فقالوا: أين السبعون؟ فقال: ماتوا. يقولون: أنت الذي قتلتهم!! ويقع فيهم الخلاف والشقاق والفساد الذي لا حد له، ومن هنا كان نبي الله موسى حريصًا جدًّا على أن الله يحييهم -على القول بأنهم ماتوا- أو يرفع عنهم الرجفة -على القول بأنهم سقطوا مغشيًا عليهم غير ميتين- كما هو معروف. وهذا معنى قوله: {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} قال موسى متضرِّعًا لِرَبِّهِ ألاّ يقتلهم في ذلك الوقت الحَرِج، وذلك الظرف العصيب الذي له عواقب سيئة في قومه: {قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ} يا رب لو شئت إهلاكهم أهلكتهم من قبل هذا الوقت؛ لأنه مَرَّتْ أوْقَات لو هلكوا فيها ما كان في إهلاكهم عاقبة سيئة، فلو قتلتهم بمحضر قَوْمِهِمْ وهم ينظرون لما كانوا يَتَّهِمُونِي ولا نشأ عن ذلك فساد ولا بلايا {لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ} أي: وأهْلَكْتَنِي مَعَهُمْ في غير هذا الظرف كان ذلك أهون عليَّ وأقل أذيةً لي.

ثم إنه قال مُنَاجِيًا رَبَّهُ، وهذا الاستفهام -على التحقيق- استفهام استعلام مع تذللٍ واستعطاف {أَتُهْلِكُنَا} تهلكني أنا وإياهم. وقال بعض العلماء: تهلك جميع بني إسرائيل؛ لأنهم إن ماتوا في ذلك اتهموا نبيَّهُمْ ووقع فيهم الخلاف والقيل والقال الذي لا يرتفع.

{بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا} السفهاء: جمع سَفِيهٍ. والمراد بهم هنا: الذين فعلوا الموجب الذي أخذتهم الرجفة بسببه سواء قلنا: إنه قولهم: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: آية 55] ولا سفه أكبر من ذلك، أو عبادتهم العجل، أو عدم نهيهم من عَبَدَ العجل، إلى غير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015