تَعْبُرُونَ} [يوسف: آية 43]. وقال بعض العلماء: هي اللام الأجَلِيَّةُ التَّعْلِيليَّةُ، {يَرْهَبُونَ} يخافون لأجل ربهم، لا للسّمْعَة ولا الرياء، كما قاله بعضهم. ومعنى: {يَرْهَبُونَ}: يخافون، والرَّهَب: الخوف، والمعنى: أن في المنسوخ المكتوب في تلك الألواح هدىً ورحمة لمن يخاف الله؛ لأنه هو الذي يعمل به وينتفع به، وهذا معنى قوله: {هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} أي: يرهبون ربهم، أي: يخافونه، ولما قُدِّمَ المعْمُول ضعف تعدي الفعل إليه فأُكِّد باللام كقوله: {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}.
{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا} [الأعراف: آية 155] جمهور العلماء على أن {قَوْمَهُ} منصوب بنزع الخافض؛ لأن أصل الفعل يتعدى إليه بـ (من) فحذفت (مِن) فتعدى الفعل إليه بنفسه فنُصب، والأصل: واختار موسى من قومه سبعين رجلاً، فحُذفت (مِن) ونُصب {قَوْمَهُ}، وهذا الأسلوب معروف في كلام العرب، ومنه قول الفرزدق (?):
مِنّا الَّذِي اخْتِيرَ الرِّجَال سَمَاحةً ... وَجُودًا إذا هَبَّ الرِّيَاحُ الزَّعَازِعُ
معناه: (اختير الرجال) أي: اختير من الرجال؛ لأجل سماحته وجوده. ومنه قول الراعي يمدح رجلاً (?):
اخْتَرْتُكَ النَّاسَ إذا رثّتْ خلائِقُهُم ... واختَلَّ مَنْ كَانَ يُرْجَى عنْدَهُ السُّولُ
يعني: اخترتك من الناس، هذا أسلوب معروف لا إشكال فيه.