معروف في كلام العرب، ومنه قول الأعشى أو غيره (?):
كَمْ شَامِتٍ بِي إِنْ هَلَكْـ ... ـتُ وَقَائِل للهِ درُّه
وفي شعر الحماسة (?):
إِذَا مَا الدَّهْرُ جَرَّ عَلَى أُناسٍ ... كَلاكِلَهُ أَنَاخَ بِآخَرِينَا ...
فقُلْ للشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا ... سَيَلْقَى الشَّامِتُون كَمَا لَقِينَا
يعني: لا تشمت بي الأعداء، لا تفعل لي فعلاً سيئًا يفرح به أعدائي، لا تفعل لي ذلك: {وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} لا تجعلني مع عَبَدَة العجل كأني ممالئ لهم وموافقهم على ذلك، فأنا بريء من ذلك، وقد نصحتهم غاية طاقتي وجهدي. وهذا معنى قوله: {فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
فلما قال هارون هذا لموسى رجع موسى ودعا لنفسه ولأخيه، قال موسى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي} واغفر {وَلأَخِي} هارون {وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ} اجعلنا ممن شملته رحمتك الواسعة {وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأعراف: آية 151] لأن الله (جل وعلا) أرحم الراحمين، أرحم بعباده من الأم بولدها كما هو معروف.
{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (153)} [الأعراف: الآيتان 152، 153].