الحال، وإنما تتداخل، فزعموا أن {أَسِفًا} حال من الضمير المستكن في {غَضْبَانَ} وأن العامل فيها هو {غَضْبَانَ} فقالوا: الأحوال متداخلة، والجمهور يقولون: إنها متعددة لا متداخلة، وأن الحال تتعدد من غير تداخل مع العطف وبدون العطف. ومن أمثلتها بدون العطف قوله هنا: {غَضْبَانَ أَسِفًا} وقول الشاعر (?):
عَلَيَّ إِذا مَا زُرْتُ لَيْلَى بخُفْيَةٍ ... زِيَارَةُ بَيْتِ اللهِ رَجْلاَنَ حَافِيا
أي: في حال كوني ماشيًا على رجلي غير منتعل. وتأتي أيضًا مع العطف كقوله: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا} [آل عمران: آية 39] فهي أحوال متعددة متعاطفة.
والأَسِفُ: شديد الغضب، وشذ بعض العلماء هنا فقال: الأسِفُ: الحزين، أي: غضبان حزينًا. والأول هو الأظهر (?)، وغضبه وشدة أسفه مما فعله قومه من عبادة العجل.
{غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ} قرأ هذا الحرف جمهور القراء: {بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي} بتحقيق الهمزة، وقرأه ورش عن نافع، والسوسي عن أبي عمرو: {بِيسَمَا خَلَفْتُمُونِي} بإبدال الهمزة ياءً.
ومعروف أن (بئس) في العربية فعل جامد لإنشاء الذم، وإذا جاءت بعدها (ما) فالخلاف فيها مشهور: هل فاعل (بئس) ضمير محذوف و «ما» نكرةٌ مميزةٌ لذلك الضمير؟ أو (ما) هو الفاعل؟ خلافٌ معروفٌ (?)، وأقوال لأهل العلم فيها، أظهرها: أن الفاعل