ولو اشتعلت نار الشهوات، والصبر على الطاعات وإن كان كالقابض على الجمر، والصبر على البلايا عند الصدمة الأولى كما طلبه هؤلاء؛ لأنهم في بلية ومحنة كبرى يطلبون الصبر عليها، ويدخل فيه الصبر على الموت تحت ظلال السيوف عند التقاء الصفين (?).
وقوله: {مُسْلِمِينَ} [الأعراف: آية 126] قدمنا مرارًا معنى الإسلام والإيمان، وأن الإسلام في لغة العرب معناه: الإذعان والانقياد، فكل مذعن منقاد فهو مسلم. وأسلم له إذا أذعن وانقاد (?)، وهو معروف في كلامهم، ومنه قول زيد بن نفيل مؤمن الجاهلية (?):
وَأَسْلَمتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ ... لَهُ الأَرْضُ تَحْمِلُ صَخْرًا ثِقَالا
دَحَاهَا فَلَمَّا اسْتَوْتْ شَدَّها ... جَمِيعًا وَأَرْسَى عَلَيْهَا الجِبَالا
وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي ِلمنْ أسْلَمَتْ ... لَهُ المُزْنُ تَحْمِلُ عَذْبًا زُلاَلا
إِذَا هِيَ سِيقَتْ إِلَى بَلْدَةٍ ... أَطَاعَتْ فَصَبَّتْ عَلَيْهَا سجَالا
فقوله: أسلمتُ وجهي لمن أسلمتْ له الأرض، وأسلمتْ له الصخر.
وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لمَنْ أَسْلَمَتْ ... لَهُ الرِّيحُ تُصْرَفُ حَالاً فَحَالا