القرآنِ، كقوله: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ} [الأحزاب: آية 18] {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: آية 144] , {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ} [الحجر: آية 97] كُلُّ هذه الآياتِ (قد) فيها قَبْلَ الفعلِ المضارعِ للتحقيقِ كما هُنَا.
{قَدْ نَعْلَمُ إنَّهُ} الضميرُ في قولِه: «إنه» هو ضميرُ الشَّأْنِ (?) {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ} أي الأمرُ والشأنُ، واللَّه {لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ}.
وهذا الذي يقولونه، الذي يَحْزُنُهُ، أَشَارَتْ له آياتٌ أُخَرُ، كما بَيَّنَ تعالى أن هذا الذي يقولونَه له يُحْزِنُهُ، وأنه يَضِيقُ به صدرُه كما قال: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} [الحجر: آية 97] وَبَيَّنَ في سورةِ هود أن هذا الذي يضيقُ صدرُه مما يقولونَ له إنه مِنْ نوعِ التكذيبِ والتعنتِ كما قال: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ} [هود: آية 12] يعني: ضائقٌ صَدْرُكَ؛ لأَجْلِ أن يقولوا تَكْذِيبًا وَتَعَنُّتًا: {لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} يُصَدِّقُهُ.
وقال بعضُ العلماءِ (?): هذا الذي يحزنه من كلامِهم قولُهم له: «أَنْتَ شَاعِرٌ، سَاحِرٌ، كَاهِنٌ، هذا الذي جئتَ به أساطيرُ الأَوَّلِينَ، لا نقبلُ دِينَكَ»، هذا التكذيبُ وَنِسْبَتُهُ إلى أنه ساحرٌ، مجنونٌ، كاهنٌ، هذا الذي يُؤْذِيهِ وَيَضِيقُ به صدرُه، ويحزنه. وقد بَيَّنَ له اللَّهُ (جل وعلا) في آخِرِ سورةِ الْحِجْرِ علاجَ هذا الداءِ من هذا الذي يقولونَ له فَيُحْزِنُهُ، وَبَيَّنَ له أنه إذا أَحْزَنَهُ ذلك القولُ الذي يقولون أنه يُبَادِرُ إلى