ونحن معاشرَ هذه الأمةِ سَيَثْبُتُ بقولِنا وشهادتِنا على الأممِ فصلُ القضاءِ يومَ القيامةِ (?)، يومَ يجمعُ اللَّهُ الأولينَ والآخِرِينَ في صعيدٍ واحدٍ، ينفذُهم البصرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، كما جاء في القرآنِ العظيمِ، وذلك أنه إذا اجْتَمَعَتِ الخلائقُ سأل اللَّهُ الرسلَ والمرسلَ إليهم كما [مَضَى] (?) في قولِه: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} فالكفارُ الذين كَفَرُوا من الأممِ يقولونَ: {مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ} [المائدة: آية 19] فالرسلُ الذي أُرْسِلَتْ إلينا هم الذين خَانُونَا وَكَتَمُوا عنا رسائلَ رَبِّنَا، ولو جَاءَتْنَا رسالةُ رَبِّنَا لَكُنَّا أطوعَ الناسِ لها وأتبعَها لها!! فيقولُ اللَّهُ - وهو أعلمُ - للرسلِ: هَلْ عِنْدَكُمْ بَيِّنَةٌ على التبليغِ؟ فيقولونَ: نَعَمْ، أمةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم تشهدُ لنا. فَتُدْعَى هذه الأمةُ الكرامُ الذين قال الله فيهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: آية 110] فيقال لهم: أَتَشْهَدُونَ أن هؤلاء الرسلَ الكرامَ بَلَّغُوا هؤلاءِ الكفرةَ؟ فنقولُ على رؤوسِ الأشهادِ في ذلك اليومِ العظيمِ: نَعَمْ، نحنُ نشهدُ أنهم بَلَّغُوهُمْ أكملَ البلاغِ وأتمه، وأن هؤلاء الكفرةَ آذَوْهُمْ وَتَعَرَّضُوا لهم بكلِّ سوءٍ، وَلَجُّوا في الكفرِ بعدَ أن بَيَّنُوا لهم كُلَّ شيءٍ، وَتَحَمَّلُوا منهم كُلَّ الأَذَى. فيحتجُّ علينا الأممُ فيقولونَ: كيفَ تشهدونَ علينا وأنتم في وقتِ إرسالِ الرسلِ إلينا في ظلماتِ العدمِ لم تُوجَدُوا إِذْ ذَاكَ، كيف تشهدونَ على شيءٍ وَقَعَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقُوا؟

فنقولُ: نَعَمْ إننا نضعُ أداءَ الشهادةِ على حصولِ العلمِ اليقينِ، وقد حَصَلَ لنا العلمُ اليقينُ بما شَهِدْنَا، فما شَهِدْنَا إلا بما عَلِمْنَا؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015