هنا: اسمُ جنسٍ مفردٍ، أُضِيفَ إلى مُعَرَّفٍ فهو يَعُمُّ أي: في ديارِهم. وألفُ الياءِ منقلبةٌ عن واوٍ؛ لأن أصلَها (دوَرَ) ولذا تُصَغَّرُ على (دُويرة) لا على دُيَيْرَةٍ (?)، والجاثمُ هو المستلقي على وَجْهِهِ، والمرادُ أنهم أصبحوا مُنْكَبِّينَ على وجوهِهم مَوْتَى لا أرواحَ في أجسادِهم، وانتقلوا إلى الشقاءِ الأبديِّ - عياذًا بالله - وهذا معنَى قولِه: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [الأعراف: 91 - 92] فَرَدَّ اللَّهُ على الذين قالوا ما قالوا فِي شعيبٍ: تَوَلَّى اللَّهُ الردَّ عنه عليهم؛ لأنهم قالوا لقومهم: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ} [الأعراف: آية 90].

فَرَدَّ اللَّهُ عليهم فقال: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [الأعراف: آية 92] أُهْلِكُوا وكأنهم لم يُقِيمُوا فيها أحياء أبدًا، ثم قال وهو محلُّ الشاهدِ من الردِّ: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ} وهو الخسرانُ الحقُّ لاَ الذين اتَّبَعُوهُ.

ومعنَى قولِه: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا} (الذين) هنا اسم موصول، ومحلُّه من الإعرابِ: مبتدأٌ، وخبرُ المبتدأِ جملةُ: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا} و (كَأَنْ) مخففةٌ من الثقيلةِ، وإذا خُفِّفَتْ من الثقيلةِ نُوِيَ اسمُها وقُدِّرَ مَحْذُوفًا كثيرًا، وربما ظَهَرَ كما هو معروفٌ في محلِّه. والمعنَى: كأنهم، أي: كأنه أَي: الأمرُ والشأنُ لم يَغْنَوْا فيها أبدًا.

وقولُه: {يَغْنَوْا} هو مصدرُ (غَنِيَ يَغْنَى غَنًى) بفتحتين على القياسِ؛ لأن المقررَ في فَنِّ العربيةِ: أن (فَاعِلَ) مكسورةِ العينِ إذا كانت لازمةً ينقاسُ مصدرُها على (فَعَل) بفتحتين، والعربُ تقولُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015