(رحمه الله) في طائفةٍ من العلماءِ يقولونَ: أُرْسِلَ شعيبٌ إلى أُمَّتَيْنِ، أُرْسِلَ إلى مَدْيَنَ فأهلكهم اللَّهُ بالصيحةِ، وأرسلَ إلى أصحابِ الأيكةِ بعدَ أن هَلَكَ أصحابُ مدينَ فأهلكهم اللَّهُ بِالظُّلَّةِ. وهذا القولُ قال به بعضُ العلماءِ، واستدلوا باختلافِ نوعِ العذابِ، وفي أن اللَّهَ قال في أهلِ مَدْيَنَ: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [الأعراف: آية 85] ولم يَقُلْ في أصحابِ الأيكةِ: أخاهم. وأكثرُ العلماءِ على أن أهلَ مَدْيَنَ هم أهلُ الأيكةِ، وأنها أمةٌ واحدةٌ، وأنهم نُسِبُوا إلى جَدِّهِمْ مدينَ بنِ إبراهيمَ وأنه كانت لهم أيكةٌ - غيضةٌ - ملتفةٌ من الشجرِ يعبدونَها، وبعضُ المؤرخين يقولونَ: كانت أيكتُهم من شجرِ الدومِ، واللَّهُ تعالى أَعْلَمُ.
الجوابُ عن هذا (?): هو ما قال به غيرُ واحدٍ، وممن أَلَمَّ به ابنُ كثيرٍ (رحمه الله) في تفسيرِه: أن كُلَّ ذلك وَقَعَ لقومِ شعيبٍ، وأن أصحابَ مدينَ هم أصحابُ الأيكةِ، والاسمُ مُخْتَلَفٌ فيهما والمسمَّى واحدٌ. قالوا: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أن يُهْلِكَهُمْ صاحَ بهم الْمَلَكُ صيحةً شديدةً؛ ولذا قيل: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: آية 94] فَلَمَّا صَاحَ الْمَلَكُ اهتزت الأرضُ بهم هزًّا عنيفًا، وَرَجَفَتْ بهم رجفةً قويةً، فصارَ هو معنَى قولِه: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [الأعراف: آية 91] ثم إن اللَّهَ أَضْرَمَ عليهم الظلَّةَ نَارًا فاحترقوا، فَاجْتَمَعَتِ لهم الصيحةُ من أَعْلَى، والرجفةُ من أسفلَ، وَأَحْرَقَهُمُ اللَّهُ، واجتمعَ لهم ذلك كُلُّهُ - والعياذُ بالله تعالى - قال بعضُ العلماءِ: وممن ذَكَرَهُ ابنُ كثيرٍ (?): أنهم كان لهم كاهنانِ أحدُهما يُسَمَّى: سُميرًا، والثاني يسمى