إشفاقًا، كما بَيَّنَّاهُ في قوله: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} [الأعراف: آية 85].
وَاعْلَمُوا أن ما قَالَهُ بعضُ المفسرين من أن الكثرةَ لا تستلزمُ العزةَ!! وأن الأقلِّين ربما كانوا أَعَزَّ من الأكثرين!! ويستدلونَ على هذا بشعرٍ للسموألِ بنِ عاديا ( ... ) (?) في قولِه (?):
تُعَيِّرُنَا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنَا ... فَقُلْتُ لَهَا إِنَّ الْكِرَامَ قَلِيلُ
وَمَا ضَرَّنَا أَنَّا قَلِيلٌ وَجَارُنَا ... عَزِيزٌ وَجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ
وهذا لا حجةَ فيه؛ لأَنَّ هذا الشاهدَ [من قولِ] (?) بعضِ الشعراءِ [الذين لا عبرةَ بقولهم] (?) والله يقولُ فيهم: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} [الشعراء: الآيات 225 - 227] ولا شَكَّ أن الكثرةَ هي مظنةُ العزةِ والقوةِ، ونعمةٌ تستحقُّ الشكرَ، وهو الصحيحُ؛ ولذا قال الأعشى ميمونُ بنُ قيسٍ في مناظرةِ علقمةَ بنِ علاثةَ وعامرِ بنِ الطفيلِ (?):
عَلْقَمَ، لاَ لَسْتَ إِلَى عَامِرٍ ... النَّاقِضِ الأَوْتَارَ وَالوَاتِرِ