الفاعلُ والمفعولُ به يقتلانُ معًا، إلا أن العلماءَ الذين قالوا يقتلانِ، اختلفوا في كيفيةِ قتلِه، فمنهم مَنْ قال: يُقْتَلُ بالسيفِ، ومنهم مَنْ قال: يُرْجَمُ بالحجارةِ حتى يموتَ، ومنهم مَنْ قال: يُحْرَقُ الخبيثُ بالنارِ حتى يُقْتَلَ تحريقًا، ومنهم مَنْ قال: يُرْفَعُ على شَاهِقٍ ثم يُرْمَى من الشاهقِ وَيُتْبَعُ بالحجارةِ كما فَعَلَ اللهُ بقومِ لوطٍ الذين هم أولُ مَنِ ارتكبَ هذه الفاحشةَ، رَفَعَهُمْ إلى أعلى ثم قَذَفَ [بهم إلى] (?) الأرضِ وَأَرْسَلَ عليهم حجارةً مِنْ سِجِّيلٍ.

والذين قالوا: يُقْتَلُ اللائطُ والملوطُ استدلوا بالحديثِ الذي رَوَاهُ عكرمةُ عن ابنِ عباسٍ، وأخرجَه الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ والنسائيُّ وغيرُهم، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» (?). وقال ابنُ حَجَرٍ في رجالِ هذا الإسنادِ: إنهم موثقونَ. وَذَكَرَ فيه بعضَ اختلافٍ (?). وأكثرُ العلماءِ يُثْبِتُونَ هذا الحديثَ، وكم من واحدٍ قال: إنه حديثٌ ثابتٌ. وما جاء عن يَحْيَى بنِ مَعِينٍ من أن في إسنادَه عمرُو بنُ أبِي عمرٍو مَوْلَى المطلب، وأنه اتَّهَمَهُ في هذا الحديثِ (?)، مردودٌ بأن عَمْرًا المذكورَ من الحفاظِ المشهورين، الذين رَوَى لهم مالكٌ والشيخانِ، فلا يقدحُ فيه هذا، فهذا الحديثُ الذي رواه هؤلاء عن ابنِ عباسٍ هو حجةُ مَنْ قال: يُقْتَلُ الفاعلُ والمفعولُ به، سواء كانا مُحْصَنَيْنِ أو غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015