وهو في غيبةٍ عن رُشْدِهِ من شوقٍ أو وَلَهٍ أو نحوِ ذلك، ثم يراجعُه رُشْدُهُ، وينفِي الأمرَ للأولِ الذي كان كَذِبًا ويأتِي بالحقِّ (?)، ويمثلونَ له بقولِ زهيرٍ (?):

قِفْ بِالدِّيَارِ الَّتِي لَمْ يَعْفُهَا الْقِدَمُ ... بَلَى وَغَيَّرَهَا الأَرْوَاحُ وَالدِّيَمُ

يزعمونَ أن زُهَيْرًا قال: «لَمْ يَعْفُهَا الْقِدَمُ» لَمَّا رأى دارَ المحبوبِ خَامَرَهُ الشوقُ والحبُّ حتى طاش عقلُه، فَعَبَّرَ بغيرِ الواقعِ، ثم رَاجَعَهُ عقلُه فَرَجَعَ للصوابِ، وأن الخليلَ يقولُ: إن بيتَ الأخطلِ من هذا القبيلِ، وسيبويه (رحمه الله) يقولُ: إنه حُذِفَتْ فيه همزةُ الاستفهامِ.

وحذفُ همزةِ الاستفهامِ مع ذِكْرِ الجوابِ، وعدمُ ذِكْرِ الجوابِ، ومع (أَمْ) ودونَ (أَمْ) كثيرٌ في اللغةِ العربيةِ عِنْدَ مَنْ تَتَبَّعَهَا (?)، فَمِنْهُ دونَ (أَمْ) ودونَ ذِكْرِ الجوابِ، كقولِ الكميتِ (?):

طَرِبْتُ وَمَا شَوْقًا إِلَى الْبِيضِ أَطْربُ ... وَلاَ لَعِبًا مِنِّي وَذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ

يعني: أَوَ ذو الشيبِ يلعبُ؟ فَحَذَفَ همزةَ الاستفهامِ، دون (أَمْ) ودونَ ذِكْرِ الجوابِ، ومنه قولُ خويلدٍ الهذليِّ (?):

رَفَوْنِي وَقَالُوا يَا خُوَيْلِدُ لَمْ تُرَعْ ... فَقُلْتُ - وَأَنْكَرْتُ الْوُجُوهَ - هُمُ هُمُ

يعنِي: أَهُمْ هُمْ؟ كما هو التحقيقُ. ومنه مع ذِكْرِ الْجَوَابِ قولُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015