بعدَ (سبق) كقولِه صلى الله عليه وسلم: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» (?) وهي للتعدي؛ لأن الفعلَ لاَ يتعدى إلى الضميرِ إلا بها {مَا سَبَقَكُمْ} بهذه الفاحشةِ {مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ} (من) الأُولَى أصلُها دخلت على الفاعلِ، والأصلُ: ما سَبَقَكُمْ أحدٌ بها. إلا أن النكرةَ في سياقِ النفيِ إن زِيدَتْ قَبْلَهَا (من) نَقَلَتْهَا من الظهورِ في العمومِ إلى التنصيصِ الصريحِ في العمومِ (?).
وقولُه: {مِّن الْعَالَمِينَ} تبعيضيةٌ، أي: ما سَبَقَكُمْ أحدٌ من بعضِ جميعِ العالمينَ إلى هذه الفاحشةِ الْمُنْكَرَةِ والخصلةِ القبيحةِ الخسيسةِ - قَبَّحَهَا اللهُ جل وعلا - ولذا بَيَّنَهَا فقال: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسَاءِ} [الأعراف: آية 81].
قرأ هذا الحرفَ عامةُ القراءِ ما عدا حَفْصًا عن عاصمٍ ونافعًا: {أئنكم لتأتونَ الرجالَ} بهمزةِ استفهامٍ إلا أن أبا عمرٍو وابنَ كثيرٍ سهَّلاَ الهمزةَ الثانيةَ بَيْنَ بَيْنَ، وأبا عمرٍو يُدْخِلُ بينَهما الألفَ المعروفةَ بألفِ الإدخالِ، والباقونَ من القراءِ قرؤوها بتحقيقِ الهمزتين {أئنكم} بهمزتين ولم يُدْخِلْ بَيْنَ الهمزتين المحققتين أَلِفًا من عامةِ القراءِ إلا هشامٌ عن ابنِ عامرٍ، فهشامٌ وحدَه عن ابنِ عامرٍ قرأ: {ءائنكم} بألفٍ بَيْنَ الهمزتين المحققتين، وعامةُ القراءِ غيرُ هشامٍ عن ابنِ عامرٍ الذين حَقَّقُوا الهمزتين لم يُدْخِلُوا بينهما ألفًا، والذين