عليه ظاهرُ القرآنِ أنها معجزةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صالحٍ، وهذا معنَى قولِه: {فَذَرُوهَا تَأكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} [الأعراف: آية 73].
{فَذَرُوهَا} معناه: اتْرُكُوهَا {تَأكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ}؛ لأن الأرضَ التي تأكلُ فيها ليست لكم، والعُشْب الذي تَأْكُلُهُ ليس من إِنْبَاتِكُمْ، بل هي أرضُ رَبِّهَا، والنباتُ الذي أنْبَتَهُ مَنْ خَلَقَهَا، فليست الأرضُ لكم، ولستُم أنتم الذين أَنْبَتُّمْ النباتَ {فَذَرُوهَا تَأكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ} أي: لا تَتَعَرَّضُوا لها بشيءٍ فيه سوءٌ: من عَقْرٍ، ولا نَحْرٍ، ولاَ طَرْدٍ، ولاَ مَنْعِهَا من نصيبِها من الماءِ، إلى غيرِ ذلك.
{فَيَأخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فهذه فاءُ السببيةِ، والمضارعُ منصوبٌ بـ (أن) مضمرةٍ بعدَها يجبُ حَذْفُهَا، والمعنَى: لا تَمَسُّوهَا بسوءٍ فيتسببُ عن ذلك أن يأتيَكم عذابٌ أليمٌ. والأليمُ معناه: الْمُؤْلِمُ. والصحيحُ: أن (الفعيل) في لغةِ العربِ تأتِي بمعنَى (المُفْعِل) وما يذكرُه بعضُ علماءِ العربيةِ عن الأصمعيِّ من إنكارِه إتيانَ (الفَعِيْل) في اللغةِ بمعنَى (المُفْعِل) وَاغْتَرَّ به بعضُ المفسرين فقال: أليمٌ معناه: مُتَأَلَّمٌ منه، فجعلَه بصيغةِ اسمِ المفعولِ. كُلُّ ذلك غيرُ صحيحٍ، بل غَلَطٌ، والتحقيقُ: أن (الفَعِيل) تأتِي في اللغةِ العربيةِ بمعنَى (المُفْعِل) (?) كقولِه: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} بمعنَى: مُؤْلِمٍ. ومنه قولُ الشاعرِ (?):
وَنَرْفَعُ مِنْ صُدُورِ شَمَرْدَلاَتٍ ... يَصُكُّ وُجُوهَهَا وَهَجٌ أَلِيمُ