{سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} هم الذين اخترقوا لها هذه الأسماءَ بلا مسمياتٍ، إِذِ الأسماءُ التي وَضَعْتُمْ لها ليس لها أساسٌ من الحقيقةِ ولاَ من الصحةِ. فليست بآلهةٍ ألبتةَ، وليست بمستحقةٍ للعبادةِ ألبتةَ، كما صَرَّحَ اللهُ بذلك في قولِه: {وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [يونس: آية 66] يعني: هؤلاء الذين يتبعونَهم ليسوا شركاءَ ألبتةَ في الحقيقةِ.
ثم قال: {مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} لأن هذه الآلهةَ التي تعبدونَ {مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا} أي: بعبادتِها واستحقاقِها للعبادةِ {مِنْ سُلْطَانٍ} أي: من حُجَّةٍ واضحةٍ أبدًا، بل الذي نزَّله اللهُ من الحججِ القاطعةِ مَنْعَ عبادتِها، وكُفْرَ عابدِها، وخلودِه في النارِ.
ثم قال: {فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ} انتظرُوا ماذا يحدثُ عليكم من اللهِ وهو الغضبُ والهلاكُ الذي وعدتُكم به أنه وَجَبَ وحقَّ عليكم.
{إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنْتَظِرِينَ} وسوفَ تعلمونَ عن طريقِ ذلك الانتظارِ هل يقعُ عليكم ما وعدتُكم به أو لا يقعُ. وهو تهديدٌ عظيمٌ.
ثم إن اللهَ بَيَّنَ مصيرَ الجميعِ، قال: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} [الأعراف: آية 72] فَأَنْجَيْنَا هودًا والذين آمنوا معه - وهم طائفةٌ قليلةٌ - أنجيناهم برحمةٍ مِنَّا. وذلك الإنجاءُ من عذابٍ شديدٍ، كما قال تعالى في سورةِ هودٍ: {وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [هود: آية 58].