«قَتَلَنِي فُلاَنٌ». أنه يُعْمَلُ بقولِه، ومن هنا جَعِلَ قولُ المقتولِ إذا أُدْرِكَ وبه رمقٌ وقيل له: مَنْ ضَرَبَكَ؟ فقال لهم: «قَتَلَنِي فُلاَنٌ، أو دَمِي عِنْدَ فُلاَنٍ». فهذا لَوْثٌ (?) عند مَالِكٍ (?) تُحلف معه أيمانُ الْقَسَامَةِ، وَيُسْتَحَقُّ به الدمُ أو الديةُ، على التفصيلِ المعروفِ فيما تُسْتَحَقُّ به القَسَامَةُ من عَمْدٍ أو خَطَأٍ.

وخالفَ مَالِكًا في هذا الفرعِ عامَّةُ العلماءِ، وقالوا: قولُ القتيلِ: «دَمِي عِنْدَ فُلاَنٍ» هذا لا يمكنُ أن يُسوِّغَ القَسَامةَ؛ لأنه لو قال: «لِي دِرْهَمٌ عَلَى فُلاَنٍ، أو أُطَالِبُ فُلاَنًا بِكَذَا» لا يَثْبُتُ من ذلك شيءٌ، فكيفَ يَثْبُتُ به القتلُ ودمُ المعصومِ؟ ومالكٌ استدلَّ بهذه القصةِ، واستدلَّ أيضا بأن الإنسانَ إذا كان في آخِرِ عهدٍ من الدنيا زَالَ غَرَضُهُ من الكذبِ، وصارَ منتقلاً إلى دارِ الآخرةِ، وصارت الدَّوَاعِي إلى الكذبِ بعيدةً جِدًّا في حَقِّهِ، فالذي يَغْلِبُ على الظَّنِّ أنه لا يُخْبِرُ إلا بِوَاقِعٍ.

وأجابَ الجمهورُ عن القصةِ قالوا (?): هذه القصةُ لا يقاسُ عليها غيرُها؛ لأن هذا قتيلٌ أحياه اللَّهُ معجزةً لنبيٍّ، وأخبرهم - مثلاً - أنه يُحْيِيهِ، وأنه يخبرهم بِمَنْ قَتَلَ، وهذا الإخبارُ مستندٌ إلى دليلٍ قَطْعِيٍّ، فليس كإخبارِ قتيلٍ آخَرَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015