وَرُبَّ أَسِيلَةِ الخَدَّيْنِ بِكْرٍ مُهَفْهَفَةٍ لَهَا فَرْعٌ وجِيدُ
أي: لها فرعٌ فَاحِمٌ، وجيدٌ طويلٌ. ومن هذا القبيلِ قولُ عبيدِ بنِ الأبرصِ الأسديِّ (?):
مَنْ قَوْلُهُ قَوْلٌ وَمَنْ فِعْلُهُ فِعْلٌ ومَنْ نَائِلُهُ نَائِلُ
يعني: مَنْ قولُه قولٌ فَصْلٌ، ومن فِعْلُهُ فِعْلٌ جَمِيلٌ، ومن نائله نائلٌ جزلٌ. فحذفَ النعوتَ لدلالةِ المقامِ عليها، وهذا كثيرٌ في كلامِ العربِ، وإن ذَكَرَ ابنُ مالكٍ في الخلاصةِ أن حذفَ النعتِ قليلٌ حيث قال (?):
وَمَا مِنَ الْمَنْعُوتِ وَالنَّعْتِ عُقِلْ يَجُوزُ حَذْفُهُ وَفِي النَّعْتِ يَقِلْ
وهذا معنى قولِه: {قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} أي: جئتَ في الوقتِ الأخيرِ بالحقِّ الذي لا يتركُ في هذه البقرةِ لَبْسًا، ولا يتركها تَتَشَابَهُ مع غيرِها من البقرِ؛ لأنه مُيِّزَتْ بصفاتِها الكاشفةِ التي تفصلها وتميزها عن غيرها.
ويؤخذُ من هذه الآيةِ الكريمةِ جوازُ السَّلَمِ في الحيواناتِ (?)، وأنها تنضبط بصفاتِها الكاشفةِ حتى تصيرَ كالمرئيةِ؛ لأن هؤلاء الناسَ لا يوجدُ ناسٌ أَشَدُّ منهم تَعَنُّتًا، فاضطرتهم الصفاتُ الكاشفةُ إلى أن اعترفوا بأن هذه البقرةَ ظَهَرَتْ صفاتُها وَتَمَيَّزَتْ عن غيرِها، ويدلُّ لهذا قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَصِفُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ