والفواحش الباطنة هي الزنا مع الخليلات والصديقات التي يُزنى بهن سرّاً في البيوت. وقال بعض العلماء: ما ظهر من الفواحش: كنكاح زوجات الآباء، كما تقدَّم في قوله: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً (22)} [النساء: آية 22] وأن ما بطن منها هو الزنا. والتحقيق: أنّ الآية الكريمة تشمل جميع المعاصي والذنوب، لا تفعلوا شيئاً منها ظاهراً علناً بين الناس، ولا شيئاً باطناً في خفية لا يطلع عليه أحد، وهو يشمل جميع التفسيرات الواردة عن الصحابة وغيرهم.

والفواحش ظاهرها وباطنها تشمل جميع الذنوب؛ إلا أن الله عطف بعضها على بعض عطف خاصٍّ على عام. وقد تقرر في المعاني: أن عطف الخاص على العام، وعطف العام على الخاص، إن كان في كل منهما في الخاص أهمية لا تكون في غَيْرِهِ من أفراد العام أنه سائغ، وأنه من الإطناب المقبول لأجل الخصوصية التي في الخاص، فكأن تميزه بخصوصيته جعله كأنه قسم آخر غير أقسام العام فحسن عطفه عليه (?). وهنا عطف الخاص على العام لأن المعطوفات الآتية كلها داخلة في الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

وقول من قال: إن {مَا ظَهَرَ} هو الزنا مع البغايا ذوات الرايات، و {وَمَا بَطَنَ} الزنا مع الخليلات الصديقات التي يُزنى بهن سرّاً. أو أن {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هو نكاح زوجات الآباء، وأن {وَمَا بَطَنَ} هو الزنا، إلى غير ذلك من الأقوال كله يشمله التفسير العام الذي هو الصواب، وأن الله نهى عن ارتكاب جميع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015