اعْتَادَ» (?)،
ويقولون هذا ويسكتون، وهذا نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليست بصحيحة، ولم يثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل لا أساس له على الصواب إن شاء الله تعالى.
وعلى هذا القول فالإسراف المنهي عنه في الأكل بما يسبب من التكاسل عن طاعات الله، وما يسبب من الأمراض وغير ذلك.
الوجه الثاني؛ أن معنى: {وَلاَ تُسْرِفُواْ} أي: لا تجاوزوا حدود الله، فتحرِّمُوا ما أحلّ الله كالودك للمُحْرِم، وكاللباس للطَّائِف، فهذه أمورٌ لم يحرمها الله، ولا تسرفوا في التحريم والتحليل بأن تحرموا ما أحلَّ الله، وتحللوا ما حرَّم الله، وكلا الإسرافين إسراف. ولا مانع من أن تشمل الآية الجميع. فلا يجوز الإسراف بتحريم ما أحلَّ الله، وتحليل ما حرَّم الله، كما لا يجوز الإسراف الكثير بملء البطن مِلْئاً شديداً من الأكل والشرب حتى يتكاسل الإنسان ولا يتنشط لطاعة الله، وتأتيه الأمْرَاض؛ لأنه ما ملأ ابن آدم وعاءً شرّاً مِنْ بَطْنِهِ؛ فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَثِيرَ الأكْلِ والشُّرْبِ لا تراه يقوم الليل، ولا يتنشط للعبادات، ولا ينشط لسانه لذكر الله، فهو كسول ملول، وكذلك ربما نشأت له الأمراض. وهذا معنى قوله: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ} جلَّ وعلا {لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: آية 31] المُجَاوِزِينَ الحدود بتحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرّم الله. ويدخل فيه المسرفون بكثرة الأكل والشرب الشاغلة عن طاعة الله، المثبطة عن القيام بِمَا يُرْضِي اللهَ (جل وعلا) ونحو ذلك، وهذا معنى قَوْلِهِ: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.