أنثى ذكراً، أو قذف ذكر ذكراً، أو قذفت أُنثى أُنثى، كيف نقول إن هذا عفو، وإن هذا القذف لا مؤاخذة فيه؛ لأن الله إنما نص على قذف الذكور للإناث، حيث قال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: آية 4] ولما أراد ابن حزم هنا أن يدخل الجميع في عموم المحصنات فقال: المحصنات نعت للفروج (والذين يرمون الفروج المحصنات) فيشمل الذكور والإناث (?)، يُرد عليه: أن المحصنات في القرآن لم تأتِ قط للفروج، وإنما جاءت للنساء، وكيف يجري ذلك في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النور: آية 23] وهل يمكن أن تكون الفروج غافلات مؤمنات؟! هذا مما لا يعقل.
وكذلك نص الله (جل وعلا) على أن المبتوتة إذا طلقها الأول ثلاث طلقات فصارت مبتوتة حراماً عليه إلا بعد زوج، ثم تزوجها زوج فدخل بها ثم طلقها هذا الزوج الأخير فإنه يجوز للأول أن ينكحها؛ لأنها حلت بنكاح الثاني. والله إنما صرح في هذه السورة بنص واحد، وهو أن يكون الزوج الذي حل لها إنما طلقها لأنه قال في تطليق الأول: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلآ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: آية 230] ثم قال في تطليق الزوج الذي حللها: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلآ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي: على الزوجة التي كانت حراماً؛ والزوج الذي كانت حراماً عليه {أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله} [البقرة: آية 230] فنص على طلاق المحلل خاصة. {فَإِن طَلَّقَهَا} أرأيتم لو حللها وجامعها مئة مرة حتى حلّت، وكانت كماء المزن، ثم مات قبل أن يطلقها، أو فسخ حاكم عقدهما بموجب آخر بالإعسار بنفقة أو غير