{أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ} (خير) تُستعمل استعمالين (?):

تستعمل اسماً للخير الذي هو ضد الشر، وكثيراً ما تُستعمل في المال، كقوله: {إِن تَرَكَ خَيْراً} [البقرة: آية 180] أي: مالاً.

وتستعمل صيغة تفضيل، وهو المراد هنا. فقوله: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ} أصله: أنا أَخْيَر منه. أي: أكثر خيراً منه لفضل عُنصري على عُنصره. ولفظة (خير) و (شر) جعلتهما العرب صيغتي تفضيل، وحذفت همزتهما لكثرة الاستعمال، كما قال ابن مالك في الكافية (?):

وغَالِباً أَغنَاهُم (خَيرٌ) و (شَرّ) ... عَنْ قَوْلِهم (أخْيَر منه) و (أَشَرّ)

قال إبليس اللعين: أنا خير من آدم، والذي هو الفاضل، والذي هو أكثر فضلاً وخيراً لا ينبغي أن يُهْضَم ويؤمر بالسجود لمن هو دونه، فهذا التكليف ليس واقعاً مَوْقِعَهُ؛ ولذا لا أمتثله!! فتَكَبَّر وتجبَّر، وجَعَلَ تَكْلِيفَ رَبِّه له واقعاً غير موقعه -عليه لعائن الله- فباء بالخيبة والخسران -نعوذ بالله (جل وعلا) - قال إبليس: أنا خير من آدم. ثم بيَّن سبب الخيريَّة فقال: {خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ} [الأعراف: آية 12] يعني: أن عنصري أشرف من عنصره؛ لأن النار -في زعمه- أشرف من الطّين؛ لأن النار مضيئة نيرة، طبيعتها الارتفاع، خفيفة غير كثيفة، وأن الطين منسفل كثيف مظلم ليس بمرتفع!! هذا قوله في زَعْمِهِ، وزعم أن الفرع تابع لعنصره في الفضل، فقاس نفسه على عنصره الذي هو النار، وقاس آدم على عنصره الذي هو الطين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015