وقوله: {لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ} [الأعراف: آية 11] لم يسجد مع الملائكة، ثم إن الله (جل وعلا) سأله سؤال توبيخ وتقريع قال: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: آية 12] في (لا) هنا وجهان (?):
أحدهما: أن {مَا مَنَعَكَ} مضمّنة معنى فِعل و (لا) في بابها ليست زائدة، أي: ما ألجأك وأحوجك إلى أن لا تسجد؟ ما المانع الذي ألجأك وأحوجك إلى أن لا تسجد؟! وتضمين الفعل معنى فعل معروف، قال به عامة علماء النحو من البصريين (?).
وأظهر القولين في هذا: أن (لا) هنا جيء بها لتأكيد النفي؛ لأن (منعك) في معنى الجحود والنفي، وإتيان (لا) زائدة في الكلام الذي فيه معنى الجحد مطّرد (?)، ذكر الفراء وغيره من علماء العربية أنه مطرد (?). والدليل على هذا أن خير ما يُفسر به القرآن القرآن، وقد قال تعالى في هذه القصة بعينها في سورة «ص»: {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: آية 75] ولم يأت بلفظة (لا)، وخير ما يُفسر به القرآن القرآن، فعلمنا أن لفظة (لا) لتوكيد النفي.
واعلموا أن علماء العربية مطبقون على أن لفظة (لا) تُزاد لتأكيد المعنى وتقويته، أما في الكلام الذي فيه معنى الجحد فلا خلاف بينهم في ذلك، وشواهده في القرآن وأمثلته كثيرة، فمن أمثلته في