لرأينا من غرائب صنع
الله وعجائبه ما يبهر العقول ويعتقد به الإنسان أن خالقه ذو القدرة العظيم، الذي لا يُعبد إلا هو وحده، ولا يطاع إلا هو وحده؛ ولذا من لُطْفِهِ بالإنسان: كل شيء يحتاج إلى قَطْعِه كشعره وأظفاره نَزَعَ منه روح الحياة؛ ليسهل عليه قص الأظافر وحلق الشعر، وتقصيره؛ إذ لو جعل في الأظافر الحياة كما جعلها في سائر البدن، وجعلها في الشعر لا يمكن قصُّ ظُفر إلا بعملية، ولا حلق شعر إلا بعملية! ثم إن القفا -الذي لم يجعل عنده عينين- جعله عظماً قوياً لو ضربه شيء عليه لم يضره. والأشياء الضعيفة كالكبد والطحال التي إذا مسه شيء عليها أثر عليه - وهي جهة البطن - جعل عليها الحارسَين وهما العينان، يحرسانها مِنْ أَنْ يضرَّهَا شَيْء. وهذه قطرة من بحر من غرائب صنع الله وعجائبه، والله (جل وعلا) فعل هذا من العمليات بكل واحد منا، وأنا أؤكد لكم أنه لم يحتج أن يأخذ لأمه غرفة في صِحِّيّة (?)، وأن يُبنجها ويُنومها ويُشق طبقة بطنها العليا، ثم طبقة بطنها السُّفلى، ثم ينزع المشيمة التي على الولد، ثم يسلط الأشعة الكهربائية لينظر ماذا يفعل؟! فأطباء جميع الدنيا لو اجتمعوا عن بكرة أبيهم من مشارق الأرض ومغاربها وأرادوا أن يعملوا عملية في جنين في رحم امرأة فيستحيل أن يقدروا على أن يعملوا شيئاً حتى يشقوا طبقات بطنها الثلاث، ثم يسلطوا الأشعة الكهربائية وينزعوا المشيمة عن الولد، ثم يعملون العملية، فقد يموت وهو الأغلب، وقد لا يموت، فخالق السماوات والأرض يفعل في العبد مئات العمليات، وهو لم يشق بطن أمه، ولم يحتج إلى أشعة كهربائية، بل العلم والبصر والقدرة نافذ تمام النفوذ، يفعل كيف يشاء {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: