قوله: {وَمَا كُنَّا} للتعظيم، وقد جاء عن ابن عباس (رضي الله عنه) أن السماوات السبع والأرضين السبع ومن فيهما في يد الله (جل وعلا) أصغر من حبة خردل في يد أحدنا (?)، وله المثل الأعلى فهو العلي الأعظم، الكبير الأكبر، الذي لا يخفى عليه شيء، ولا يغيب عنه شيء، فعلينا جميعاً أن نعلم أن كل ما نفعل أن ربنا مطلع عليه، ومُدَّخره لنا فمجازينا عليه، وليعلم كل واحد منا أن حركاته في دار الدنيا هي بيته الذي يبنيه، والذي يصير مصيره الأبدي إليه، فإن كانت حركاته طيبة كلها طاعة لله فإنه يبني بها غرفة من غرف الجنة، ينال فيها الحور العين، والولدان، ومجاورة رب غير غضبان، والنظر إلى وجه الله الكريم، وإن كانت حركاته في دار الدنيا حركات سيئة مخالفة (?) لما أنزل الله فإن تلك الحركات إنما يبني بها منزله ومصيره الأخير، وهو سجن من سجون جهنم؛ لأنه لا مسكن في الآخرة إلا غرف الجنة أو سجون جهنم، وقد يُدخل الواحد من أهل جهنم في سجنه ومقره كما يُدخل الوتد في الحائط لشدة ضيق مكانه عليه، كما قال جل وعلا: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً (13)} [الفرقان: آية 13] فعلى كل مسلم أن لا يضيع الفرصة، وأن يعلم أنها ليست فوضى، وأنه عبد مملوك مربوب، عليه رقابة إلهية عظمى تُسجل عليه ما يفعل من خير وشر، فليتحرَّ، وأن لا يفعل إلا ما يرضي ربه، ولا يخزيه ولا يفضحه يوم القيامة على رؤوس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015