إلهي، ولست غائباً عن شيء تفعلونه، بل كل ما تفعلون بمرأى مني ومسمع، فاحذروا أن تنتهكوا حُرماتي، وأن تستوجبوا سخطي وعذابي يوم القيامة.

وضرب بعض العلماء (?) لهذا مثلاً -ولله المثل الأعلى- وقد كررناه في هذه الدروس تكراراً كثيراً لكثرة تكرار القرآن له في جميع الآيات، لو فرضنا أن هذا البراح من الأرض فيه ملك - ولله المثل الأعلى - إذا انتُهكت حُرماته يغضب غضباً شديداً، ويُنكِّل بمن أغضبه أشد النكال وأعظمه، وحول هذا الملك نساؤه وبناته وجواريه، أترون أن الحاضرين يخطر في بال أحد منهم أن يشير إلى جارية من جواريه، أو إحدى بناته؟ لا، بل كل منهم خاشع الطرف، خاضع الأعضاء، غايته السلامة، لا يتحرك، ولا يفعل أي شيء يُغضب ذلك الملك وهو ينظر إليه. هذا - ولله المثل الأعلى - في ملك من الآدميين، يموت ويأكله التراب والدود، فكيف - ولله المثل الأعلى - بخالق السماوات والأرض، وهو أشد بطشاً وأعظم نكالاً، وهو مطلع عليكم، يقول لكم: اعلموا أن كل ما تفعلون أني مطلع عليه. فلو علم أهل بلدة من البلاد أن أمير ذلك البلد يطلع على كل ما يفعلونه من الخبائث والخسائس في الليل، وأنه يراه، لباتوا متأدبين لا يفعلون إلا شيئاً حسناً خوفاً من عقابه، مع ضعف عقاب ملوك الدنيا - ولله المثل الأعلى - فالله يقول: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ (7)} {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: آية 61] ولأجل أن هذا الزاجر الأكبر، والواعظ الأعظم، هو أعظم أسباب طاعة الله؛ لأن من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015