وأنه يدخل في ذلك ما طلبوه أيامَ التيهِ من البقولِ والفومِ والعدسِ والبصلِ وما ذُكِرَ معها.
ثم إن الله (جل وعلا) أمرهم بفعلٍ وقولٍ شكرًا لنعمةِ الفتحِ، وهو قولُه: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} أي: ادْخُلُوهُ في حالِ كونِكم سُجَّدًا. والسُّجَّدُ جمع سَاجِدٍ، و (الفاعلُ) إذا كان وصفًا من جموعِ تكسيرِه المعروفةِ - جموعِ الكثرةِ - أن يُجمعَ على (فُعَّل)، كساجدٍ وسُجَّدٍ، وراكعٍ وَرُكَّعٍ (?).
قال بعضُ العلماءِ: هو سجودٌ على الجبهةِ، والمعنى: إذا دخلوا البابَ سَجَدُوا. أي: ادْخُلُوهُ في حالِ كونِكم سُجَّدًا، أي: عندما تدخلونَ تتصفونَ بحالةِ السجودِ.
وقال بعضُ العلماءِ: هو سجودُ ركوعٍ وانحناءٍ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وشكرًا على نعمةِ الفتحِ (?). وقد يُفْهَمُ من هذا أن نعمةَ الفتحِ ينبغي أن تشكرَ بالسجودِ لِلَّهِ (جل وعلا). وَلَمَّا فتحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مكةَ صلى الضحى ثمان ركعاتٍ (?). وكان العلماءُ يَرَوْنَ أنها صلاةُ شكرٍ على ما أَنْعَمَ اللَّهُ عليه به من الفتحِ، واللَّهُ (تعالى) أعلمُ. وهذا معنى قولِه: {ادْخُلُوا الْبَابَ} البابُ: واحدُ الأبوابِ، وَأَلِفُهُ الكائنةُ في موضعِ العينِ مبدلةٌ من واوٍ، بدليلِ تصغيرِه