قال القاضي عياض - رحمه الله -: قال العلماء: لا يجوز لأحدٍ أن ينزعها منهم، قالوا: وهي ولاية لهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها، فتبقى دائمة لهم ولذريَّاتهم أبدًا، ولا يُنازعون فيها، ولا يشاركون، ما داموا موحِّدين صالحين لذلك، والله أعلم (?).
وأمَّا قوله: "فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمُ البَابَ"؛ إنَّما أغلقوه؛ ليكون أسكنَ لقلوبهم، وأجمعَ لخشوعهم، ولئلَّا يجتمع النَّاس ويدخلوه، أو يزدحموا فينالهم ضرر ويتشوش عليهم الحال بسبب لغطهم.
قوله: "فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ"؛ أي: دخل. والولوج: الدخول، يقال: وَلَجَ: بفتح اللَّام، يَلِجُ: بكسرها، وأولج غيرَه، وإنمَّا كان ابن عمر أوَّل من ولج؛ لحرصه على اقتفاء آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المناسك وغيرها ليعمل بها، وليبلِّغها، وذلك هو مقصود العلم لا غير، والله أعلم.
وقوله: "قالَ: نَعَمْ، بَيْنَ العَمُودَيْنِ اليَمَانِيينِ" يعني: قال بلال: نعم، لابن عمر ذلك حين سأله: هل صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت؟
ولا شكَّ أنَّ بلالًا أثبت صلاته - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة، وأنَّ أسامة نفاها.
وأجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال؛ لأنَّه مثبت، فمعه زيادةُ علم، فوجب ترجيحه، والمراد بالصَّلاة: ذات الركوع والسُّجود المعهود، لا مجرَّد الدُّعاء، ولهذا قال ابن عمر في بعض الروايات: ونسيت أن أسأله كم صلَّى؟ (?)
وأمَّا نفي أسامة الصَّلاة، وإثباته الدُّعاء؛ فلأنَّهم لمَّا دخلوا، أغلقوا الباب، واشتغل كلُّ واحدٍ من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وبلال، وأسامة، وعثمان بالدُّعاء في نواحي البيت، فرأى أسامة النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو، واشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي