بل لا بدَّ فيه من القول مع النيَّة، مستدلًا للكراهة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنذروا" (?)، وبنهيه عنه.
ومنها: عدم اشتراط الصَّوم في الاعتكاف؛ لأنَّ اللَّيلة ليست محلًا للصَّوم.
وقد أُمر عمرُ بالوفاء بالنَّذر للاعتكاف من غير صوم -وهو مذهب الشَّافعي- كما تقدَّم تقريره والخلاف فيه عن مالك، وأبي حنيفة، وغيرهما باشتراط الصَّوم فيه، وتأوَّلوا قوله: "ليلة" بيوم؛ فإنَّ اللَّيلة: تغلب في لسان العرب على اليوم، يقولون: صمنا خمسًا، والخمسُ منطلق على اللَّيالي، ولو انطلق على الأيام، لقيل: خمسة، فاطلقت اللَّيالي وأرادت الأيام.
أو يقال: المراد ليلة بيومها، ويدلُّ على ذلك: أنَّها قد وردت في بعض الرِّوايات بلفظ اليوم.
ومنها: سؤال العلماء عما يجهله من العلم.
ومنها: سؤالهم عما كان من السائل في حال كفره.
ومنها: وجوب البيان على من سئل عن علم علمه، وعدم كتمانه.
* * *
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَكِفًا، فَأَتَيتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ، فَقَامَ مَعِيَ لِيَقْلِبَنِي -وَكَانَ مَسْكَنُهَا في دَارِ أسامَةَ بْنِ زيْدٍ-، فَمَرَّ رَجُلَان مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ، أَسْرَعَا، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَىَ رسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ"، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يا رَسُولَ اللهِ!، فقال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ الشَّيْطانُ في قُلوبِكُمَا شَرًّا، أَوْ قَالَ: شَيْئًا" (?).