أنتَ النَّبيُّ ومَنْ يُحْرَمْ شَفَاعَتَهُ ... يَوْمَ الحِسَابِ لَقَدْ أَزْرَى بِهِ القَدَرُ
فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسى ونَصْرًا كالَّذِي نُصِرُوا
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنتَ فثبتك اللهُ يا بنَ رواحَةَ" (?).
قلت: زرت قبر عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - بمؤتة، وقبور الشهداء بها؛ كجعفر بن أبي طالب - رضي الله عنهما - في العشر الآخر من شوال، سنة ثلاث وسبعين وست مئة - رضي الله عنهم أجمعين - (?).
وهذا الحديث: دليل صريح بأنَّ هذا الصوم وقع في شهر رمضان في السفر، وأنَّه صحيح، وهو مذهب الفقهاء.
وخالفت الظاهرية به، أو بعضهم في صحته، بناءً على ظاهر لفظ القرآن في قوله - عزَّ وجلَّ -: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} [البقرة: 184]، من غير اعتبار إضمارٍ فيه، وتقدَّم اختلاف العلماء في أنَّ الأفضل الصوم أو الفطر.
والذي ذهب إليه أبو حنيفة والشَّافعي والأكثرون: أنَّ الصوم أفضل لمن أطاقه بلا مشقة ظاهرة ولا ضرر، فإن تضرر به، فالفطر أفضل، واحتجوا بهذا الحديث وغيره من الأحاديث، فلأنه يحصل به براءة الذمَّة في الحال، وقال سعيد بن المسيِّب، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم: الفطر أفضل مطلقًا، وحكاه بعض أصحاب الشَّافعي قولان، وهو غريب، واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الفِطرَ رخصةٌ مِنَ اللهِ، فَمَنْ أَخَذَ بها، فحَسَن، ومن أحبَّ أن